تعرف على ماذا يحتاج العراق لبلوغ المونديال؟ سيناريوهات التأهل والخصوم المحتملون
في ليلة حملت ما يكفي من الانفعال والدهشة، عاد المنتخب العراقي ليصنع انتصاراً جديداً على نظيره الإماراتي، في مباراة لم تكن مجرد ثلاث نقاط بقدر ما كانت دفعة نفسية ومعنوية تمنح الفريق القدرة على التقدّم بثبات نحو المرحلة الحاسمة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026. فقد امتلأت مدرجات ملعب البصرة الدولي بجمهور عاش لحظة اندماج استثنائية بين الأداء والروح، ووجد في هذا الفوز مساحة حقيقية للفرح، بينما بدا واضحاً أن المنتخب يخطو نحو مرحلة لا يُسمح فيها بالتراجع، في ظل اقتراب موعد المباراة المفصلية التي ستحدد شكل الطريق إلى المونديال.
وفي حديثه عبّر رئيس اتحاد الكرة عدنان درجال عن شعورٍ خاص بهذا الانتصار، قائلاً إن الفرح الذي دخل إلى بيوت العراقيين هو القيمة الأكبر للمباراة، مشيراً إلى أن الروح التي ظهر بها اللاعبون لم تكن مجرد حالة عابرة، بل تعبيراً عن رغبة حقيقية في القتال حتى اللحظة الأخيرة من أجل تحقيق حلم المشاركة في كأس العالم. وأوضح درجال أن اللاعبين قدّموا ما يستحق الثناء، وأن الجماهير التي ملأت الملعب كانت جزءاً من هذه الصياغة النفسية التي جعلت الفوز ممكناً، قبل أن يؤكد أن منافس العراق في المباراة المفصلية سيتحدد غداً، وأن الأسود في أعلى درجات الجاهزية الفنية والبدنية لمرحلة تحتاج إلى الكثير من التركيز والاستعداد.
ويأتي هذا الفوز في سياق معقد يرتبط بمسار التصفيات الآسيوية وتحوّلات مشهد التأهل، إذ يجد العراق نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التأهل المباشر من خلال نتائج المباراة المقبلة، أو التوجه نحو الملحق العالمي الذي أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" هيكليته الجديدة، مانحاً المنتخبات فرصة إضافية عبر بوابة ضيقة لكنها ما تزال مفتوحة. وتُظهر تفاصيل النظام الجديد للملحق أن المنافسة ستكون أقرب إلى "نهائيين متتاليين.
حيث يقسم فيفا الملحق إلى مسارين يتضمن كل منهما مباراتي نصف نهائي في آذار 2026، على أن يواجه الفائزان منتخبين مصنّفين بشكل مباشر، من بينهم منتخب إفريقي، في مباراتي الحسم اللتين ستحددان المقعدين الأخيرين لكأس العالم.
وبحسب النظام الجديد، ستشارك أربعة منتخبات غير مصنّفة في دور نصف النهائي، فيما ينتظر منتخبان مصنفان الفائزين لخوض المباراة النهائية في كل مسار، بينما يأتي مقعدان من الكونكاكاف ضمن قائمة منتخبات مثل بنما، كوستاريكا، هندوراس، جامايكا، السلفادور، هايتي، وسورينام. وضمن هذه الهيكلية، سيحتاج العراق—إن بلغ الملحق—إلى الفوز في مباراتين فقط: واحدة ضد منتخب غير مصنّف، وأخرى أمام أحد الفريقين المصنّفين، وهي مواجهة تحمل ضغطاً عالياً لكنها ليست مستحيلة إذا حافظ المنتخب على روح الاتحاد والأداء التي ظهر بها في البصرة.
وتشير قراءات فنية إلى أن طريق العراق نحو كأس العالم ما زال متاحاً بوضوح، خصوصاً أن نسخة 2026 الموسّعة تمنح القارة الآسيوية عدداً أكبر من المقاعد، ما يعني أن فرص المنافسة لم تعد ضيقة كما في النسخ السابقة. ومع ذلك، فإن كل هذا التفاؤل يعتمد بشكل كامل على قدرة المنتخب والجهاز الفني على استثمار المعنويات العالية التي صنعها انتصار الإمارات.
وعلى الدخول إلى المباراة المقبلة—ومحتمل الملحق—بعقلية مختلفة، تخلق الاستقرار النفسي المطلوب لمواجهات لا تُحسم إلا بجزئيات دقيقة.
وبين مشهد الفرح في البصرة، وتفاصيل الملحق العالمي، وترقّب هوية المنافس المقبل، يبدو أن المنتخب العراقي يقف على عتبة مرحلة مصيرية قد تغيّر مسار الكرة العراقية في السنوات المقبلة، مرحلة تحتاج إلى نفس الهدوء والتركيز الذي تحدث عنه درجال، وإلى إيمان الجمهور بأن روح الأسود لا تزال قادرة على دفع الفريق خطوة إضافية نحو الحلم الأكبر: الوصول إلى كأس العالم.
